فإنَّ العمل بالتَّقدير من الأصول الشرعية المعتَبَرة، وهو دالٌّ على كمالِ الشَّريعة ويُسْرِها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ أَحَدٌ إلَّا غَلَبَه، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا»[1]، و(التسديدُ: هو إصابة الغرض المقصود، وأصلُه من تسديد السهم؛ إذا أصاب الغرض المَرْمِيَّ إليه ولم يُخْطِئْه.والمقاربة: أن يُقارب الغرضَ وإن لم يُصِبْه؛ لكن يكون مجتهدًا على الإصابة، فيُصِيبَ تارةً ويقارِبَ تارةً أخرى، أو تكون المقاربة لمن عجَز عن الإصابة، كما قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»[2])[3]، والعملُ بقاعدة التقدير في الشريعة كثيرٌ جدًّا، حتى لا يكاد يخلو بابٌ من أبواب الفقهِ منه[4].
وقد كان من فضل الله عليَّ أنِ اقتضى عملي العنايةَ بمسائل الزكاة فقهًا ومحاسبةً، والاطلاعَ على ما كُتب في هذا المجال من بحوثٍ ودراساتٍ، ومقابلة المختَصِّين في هذا المجال من شرعيِّينَ ومحاسِبِينَ، ووجدْتُ أنَّ حساب الزكاة من المواضيع المهمَّة التي تدعو الحاجةُ إلى تأصيلها فقهيًّا ومحاسبيًّا، سواءٌ أكان ذلك في حساب زكاة الشركات أم في حساب الأفراد لزكاة أسهُمِهم
[1] أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الإيمان، باب: «الدين يسر»، برقم (39) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.[2] أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، برقم (7288)، ومسلم في الصحيح، كتاب الحج، برقم (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.[3] فتح الباري لابن رجب 1/137، 138.[4] الأمنية في إدراك النية، ص 214، وينظر: قواعد الأحكام 2/112، الفروق للقرافي 1/74، شرح الكوكب المنير 4/312.