فهذا كتاب ( عز العزلة ) كتبته بعدما ناهزت الخمسين وعرفت الحياة وعشت الأيام حلوها ومرًها ، وذقت الشدة والرخاء ، والسراء والضراء ، ورأيت المصائب ، وشاهدت العجائب ، وأبصرت النوائب ، وسمعت الغرائب ، وجبت القفار ، وامتطيت البحار ، وسافرت في الأرض والجو ، وداخلت العامة والعلماء ، والفقراء والأمراء ، والشعراء والوزراء ، والأدباء والحكماء ، والحمقى والعقلاء ، فكتبت تجاربي في هذا الكتاب ، فهو من الرأس والقرطاس والناس ، وهو نصوص وفصوص ، ومنظوم ومنثور ، ومنقول ومعقول ، وقديم وحديث ، كتبته لمن اعتزل مع كتاب في زاوية ، أو جلس في خيمة متأملا ، أو في غرفة متعبدا ، أو في رأس جبل منفردا ؛ ليكون له سلوة ، في خلوة حلوة ، وعزاء من كل أحد ، ودليلا إلى الواحد الأحد ، أسأل لله أن يقبله مني وأن ينفع به .من قرأه أو سمعه ، وأن يجعله سببا لرضوانه ، وسكنى جنانه