قال الامام أبو حنيفة رحمه الله :; الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلى من كثير من الفقه ؛ لأنها آداب القوم " من هذا المنطلق ـ وغيره ـ تشربت قصص العلماء والعظماء وآنست سيرهم ، فتولدت عندي مفاهيم حول تجاوزهم العقبات الصعبة والمصائب الهائلة ، حتى إنك لا تجد منهم من وصل إلى المجد بطريق ملئ وردًا وزهورًا ، فالعقبات تملأ طريقهم ، والمصائب تنتظر فرصتها للانقضاض عليهم . إلا أنهم كسبوا معركتهم معها فلم تثن عزائمهم ولم تعق تقدمهم نحو طموحاتهم وآمانيهم . ومن هذه العقبات ، اليتم ، الذي يحرم الإنسان من حنين والأب ورحمة العائل ، فينشأ اليتيم وحيدًا يجابه مصاعب الدنيا ومشاقها . وقليل منهم من يتجاوز ذلك ... وهؤلاء العظماء الذين عظمت آمالهم فخلدت آثارهم . وقد رأيت أن يطلع الأيتام وغيرهم على تجارب هؤلاء تأسيًا بهم واقتداءً بتجاربهم . إلا أنهم بالاقتداء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولى ، وباطلاعهم على سيرته أحق وأحرى ، فهو سيد البشر وخير خلق الله وأعظم من وطأت قدماه وجه البسيطة . وهو مع ذلك ولد يتيمًا ، حيث توفي والده وهو بعد في بطن أمه ، ولم تقف معاناة طفولته ـ صلى الله عليه وسلهم ـ عند هذا الحد بل توفيت والدته وهو في السادسة من عمره ، فكفله جده عبدالمطلب ، ثم توفي جده وهو في الثامنة فكفله عمه أبو طالب .